الفتنة الكبرى (عثمان)

https://www.samarkandstore.com/web/image/product.template/71421/image_1920?unique=428e73a
QR 75.00
pages ISBN: 9789776765924
format غلاف ورقي
publish Published: 2025
pages 324 pages
USUALLY DISPATCHED WITHIN 2 DAYS
USUALLY DISPATCHED WITHIN 2 DAYS

    This combination does not exist.

    هذا حديثٌ أريد أن أُخْلِصَهُ للحقِّ ما وسعني إخلاصه للحقِّ وحده، وأن أتحرَّى فيه الصواب ما استطعتُ إلى تحرِّي الصوابِ سبيلًا، وأن أَحْمِلَ نفسي فيه على الإنصاف لا أَحِيدُ عنه ولا أُمَالئ فيه حزبًا من أحزاب المسلمين على حزب، ولا أُشايع فيه فريقًا من الذين اختصموا في قضية عثمان من دون فريق؛ فلستُ عثمانيَّ الهوى، ولستُ شيعةً لعلِيٍّ، ولستُ أفكر في هذه القضية كما كان يفكر فيها الذين عاصروا عثمان واحتملوا معه ثقلها وَجَنَوْا معه أو بعده نتائجها. وأنا أعلم أن الناس ما زالوا ينقسمون في أمر هذه القضية إلى الآن، كما كانوا ينقسمون فيها أيام عثمان (رحمه الله)؛ فمنهم العثمانيُّ الذي لا يَعْدِل بعثمان أحدًا من أصحاب النبي (ﷺ) بعد الشيخين، ومنهم الشيعيُّ الذي لا يَعْدِل بِعليٍّ (رحمه الله) بعد النبي أحدًا، لا يستثني الشيخين ولا يكاد يرجو لمكانهما وقارًا، ومنهم مَن يتردد بين هذا وذاك، يقتصد في عثمانيَّته شيئًا أو يقتصد في تشيُّعه لعلي شيئًا، فيعرف لأصحاب النبي كلهم مكانتهم، ويعرف لأصحاب السابقة منهم سابقتهم ثم لا يُفضِّل بعد ذلك أحدًا منهم على الآخر. يرى أنهم جميعًا قد اجتهدوا ونصحوا لله ولرسوله وللإسلام والمسلمين، فأخطأ منهم مَن أخطأ وأصاب منهم مَن أصاب، وكل هؤلاء إنما يرون آراءهم هذه يستمسكون بها ويذودون عنها ويتفانون في سبيلها؛ لأنهم يفكرون في هذه القضية تفكيرًا دينيًّا، يصدرون فيه عن الإيمان، ويبتغون به ما يبتغي المؤمن من المحافَظة على دينه والاستمساك بيقينه، وابتغاء رضوان الله بكل ما يعمل في ذلك أو يقول. وأنا أريد أن أنظرَ إلى هذه القضية نظرةً خالصةً مجردةً، لا تصدر عن عاطفة ولا هوى، ولا تتأثر بالإيمان ولا بالدِّين، وإنما هي نظرة المؤرخ الذي يجرِّد نفسَه تجريدًا كاملًا من النزاعات والعواطف والأهواء مَهما تختلف مظاهرها ومصادرها وغاياتها.