This combination does not exist.
تعوَّد الناس في الشرق عامةً وفي مصر خاصةً، أن يفهموا من مثل هذا العنوان الذي قدمته، أن عناية الكاتب والباحث ستتناول الأشخاص وتقصر عليهم؛ فلفظ "قادة الفكر" إذا سمعه القارئ المصري أو الشرقي، فَهِم منه لأول وهلة، طائفة من الأشخاص لهم أثر يختلف قوَّةً وضعفًا في تكوين الحياة الفكرية عامة، في جيل من الأجيال، أو في بلد من البلاد، وانتظَر من الكاتب أن يَقُص عليه تراجم هؤلاء الأشخاص، وهذا النوع من البحث مألوفٌ شائعٌ في الشرق والغرب، يحبه الناس، ويَكْلفون به. ولكني مع ذلك سأعدل عنه، وسأكون شديد الاقتصاد في ذكر الحوادث والأخبار والتواريخ التي تتصل بحياة الأشخاص الذين سأعرض لهم في هذه الفصول، لا لأني أهمل هؤلاء الأشخاص إهمالًا، أو أنسى تأثيرهم العظيم في البيئة التي نشأوا فيها؛ بل لأن لي رأيًا أظن أنه الرأي المقرر الآن عند الذين يُعْنَون بتاريخ الآداب والآراء، وهو أن هذه الآداب والآراء على اختلافها وتباين فنونها ومنازعها ظواهر اجتماعية أكثر منها ظواهر فردية، أي أنها أثر من آثار الجماعة والبيئة أكثر منها أثرًا من آثار الفرد الذي رآها وأذاعها.