This combination does not exist.
قضيتُ خمس سنواتٍ من عُمري في محاولةٍ للإجابة على هذا السؤال، وحين أنتهيتُ من تلك الرحلة كان كل شيءٍ بالنسبة لي قد تغير، فلا أكتوبر هي الثورةُ التي قامت ضد المُستعمر في الجنوب، ولا الدولة التي قامت بعد سبتمبر في الشمال هي ما أراده رواد النِضال اليمني طوال تاريخ نضالهم ضد الإمامة الممتد لقرونٍ طويلة، ولا القبيلةُ هي أساس التخلُّف، وكانت الحصيلةُ النهائية لهذه الرحلة البحثية الشاقة هي صورةُ مغايرةُ كليًا لتلك التي حاول التعليم الحكومي والإعلام الرسمي تكريسها في مخيلتنا الجمعيّة نحن اليمنيين. أما تلك الصورة فكانت صورةً مُزيفةً عن الواقع، كانت تتحدث عن اليمن الجمهوري الجسور الذي حطَّم أغلال التخلّف والرجعية في ثورتي سبتمبر وأكتوبر وقفز على محيطه القبلي والمشيخي "المُتخلّف" إلى مصافي الدول المتقدمة حيث يُنتخب الزعيم ديموقراطيًا، ويُمثل الشعب في البرلمان، وأما الصورة التي تكونت بعد هذا البحث، فهي صورة الجد الأكبر للجزيرة العربية بأسرها وقد أخذته نوبة من المراهقة المتأخرة، فخلع ثوبه العتيق القديم ولبس ثيابًا لا تشبهه في شيء، وأخذ يتكلم ويمشي بطريقة عجيبة، فراح يوقع نفسه في المشكلات والمصائب. قد يجد القارئ (وخاصةً اليمني) هذا التوصيف صادمًا، لكني أزعم أن هذا الكتاب كفيلُ بإيضاح هذه الصورة المؤلمة والمحزنة عن بلدنا اليمن الضاربة جذوره في عُمق التاريخ..